بسم الله الرحمن الرحيم
لحظة إنكسار
أحيانا عندما نخسر شخصا ما-شخصا نحبه-نظن أن الحياة قد توقفت من حولنا وأن لا معنى للوجود ...شيئا ما ينكسر بداخلنا فيجعل الحياة سوداوية في أعيننا ...شيئا ما يحطمنا إن لم نكن أقوياء...
حملت سلوى حقيبتها وهى تنوى الهرب..لم تكن تدرك حينها مما تهرب بالضبط لأنها ببساطة تهرب من نفسها المشتتة...كانت تهرب من أشياء بداخلها فكيف يكون حينها الهرب هربا ...أو هل هنالك وسيلة للهروب ...فلو تركت المكان وذهبت إلى بطن أمها لوجدت نفسها أمام ضياعها ثانية ...
جلست سلوى على شاطئ البحر ومرقت يديها بالتراب ..حاولت أن تشغل عقلها بسخونة الجو ونعومة التراب بين يديها...تبعثرت مع نسمات النسيم من حولها قبل أن تجمع شتاتها وهى تجيب سؤاله..
-أشرف:الجو حار جدا أليس كذلك..؟
أؤمأت سلوى برأسها دون صوت أما هو فجلس بالقرب منها وبدأ بالتعرف عليها..
انسجمت سلوى بالتعرف على ذلك الشاب الغريب ونسيت نفسها تماما إلا أن محاولاته لمغازلتها قطعت تلك السكينة بداخلها وجعلتها تنسحب في هدوء .
أخذها التفكير حتى من نفسها فلم تشعر بالأشياء من حولها فكل ما كان يجول في بفكرها وقتها :هل كانت مخطئة حينما مضت في طريقها ..عندما قررت النسيان..
شيئا ما قطع تفكيرها هو صوت خالد-صديق قديم- بادلها السلام وللمرة الثانية جمعت شتات نفسها وبدأت بالحديث معه .. انسجمت..ضحكت ونسيت نفسها وأثناء تمشيهما معا سألت نفسها سؤالا واحدا شتتها من جديد:ترى ما الذي تغير بعد رحيله..؟ ما زالت هي بنفس جنونها ..بنفس روعتها ..ما زالت نظرتها إلى الحياة كما هي..ما زالت تجمع الصدف وتلعب بمياه البحر كطفل صغير ..ما زالت تبنى القلاع من الرمل وما زال هذا يسعدها..كل شئ في الحياة كما هو وإحساسها به كما كان ..سألت نفسها :ترى ما الذي خسرته ولما كان شتاتها..؟
أخذتها الحيرة لمدة قبل أن يقطعها صوت خالد:مشيتي وين ..؟
- معاك،ومن ثم ابتسمت له..
عندما أتت..أتت لأنها أرادت الهرب من نفسها التي تلومها ..من واقع هو ليس باستطاعتها تغييره فأرادت فقط أن تنساه ..وأن تتعايش مع إحساسها بالندم،لكن شيئا ما وجدته بداخلها حينما تركت نفسها للحظة تنظر للحياة بشكل مختلف ..نحن لا نخسر إلا إذا أردنا أن نخسر وندفن أنفسنا ،وكل خسارة هي لا شئ إلا إذا خسرنا أنفسنا .. أن نفترق وارد ..أن نبكى مباح ..أن نتذكر مقبول..لكن أن نتمرق في الماضي ونتوقف عنده هو مرفوض بشتى الطرق ..
رفعت سلوى شعرها المسدل على كتفها إلى أعلى وعقدت الربطة لتترك الباقي مسدلا بتسريحة ذيل الحصان ..ارتمت في السرير وحضنت الوسادة وقربت الدفتر منها وبدأت في كتابة سطور أخرى جديدة وبداية جديدة فمن قال أن الحياة تتوقف بل نحن أحيانا من نتوقف لنفهم الحياة لكن نواصل بصمود اكبر..
هند سر الختم